تسابيح الليل

تسابيح الليل

صلوا على محمد صلى الله عليه و سلم

تسابيح الليل
كان الليل يهبط في مكة حزينا ...
و يجهش بالبكاء ...
يومئ إلى نجماته الخجلى
أن سبّحي فيزهر الضياء
يقرأ نبوءة الإنجيل
يدقّ باب صومعة تعجّ بالتراتيل
يسأل الراهب .. يسأل حبرا
متى اللقاء
يسافر في عروق الأرض مع الماء
يبيت في حناجر العصافير لعلها
تهمس باسم الاصطفاء
يهفو قلبه الأبيض
يحنّ إلى زمن
كان فيه وحي الأنبياء
كان حين يقبّل البيت
و يمسح الغبار عن ردائه الجميل
تبكي في صدره الآهات
و تجهش السماء
فيسقط الكلام من شجر البوح الخضيل
وتسقط فاكهة على خد الحب
و النماء
و يقول الليل : آه يا ليلي الليل
كم تاهت في الفلاة صلاة
و أغرقها الموج في صدر بحّار
يصارع الأنواء
وكان الليل حين يتعب
يجلس في ركنه وحيدا
يخرج دفاتره القديمة ، يقرأ خطها الجميل
يراجع الشرائع
ويقرأ الأسماء
ثم ينزل مكة يفتش في الوجوه
عن وجه صبوح جليل
ويهمس يا رب السماء
أين أحمد
الأمجد
الأسعد
الأحمد
فتفرح الصلوات لذكره
و تقبل جبينه الصقيل
و تضرع بالدعاء
و في ليلة من ليله الطويل
تعطّر الليل و أيقظ الصلوات
و الآهات
و الأمنيات
و الفلوات
و أيقظ الندى
و الهواء
اقرأ باسم ربك ، قال جبريل
فشعشع النور في الغار بلغة السماء
خلع الليل بردته و دثر المكان
و جاب الدنيا يبشر الطير
في وكناتها
الوحش في غابتها
الحيتان في أعماقها
يبشر الجائع و ابن السبيل
يبشر بالسناء
في إفريقية سمع الليل همهمة كاهن موبوء
يضرب الأقداح
و غانية تصب له الراح
يتمتم فيه يستحضر الأرواح
تبسم الليل في نجماته
لاح الصبح لاح
و في أروبة قس يوزع غفرانه
و في فرسه خادم يؤجج ناره
و في مكة تنفس الصبح يمسح
كآبة الظلام عن وجهه
و غادر الليل ، وقد رأى محمدا
ترنّح الحصى تحت قدميه
فشعت منه أنوار التسابيح
توضأ الصبح من نوره
و درت أثداء النخيل
وعم الضياء
أصبح الليل حين يهبط إلى دروب مكة
يرتل سورة المدثر
و يفرح لأن الصلوات لم تعد تشهق من قهرها
أصبح الليل حين يهبط مكة يفرح
باللقاء


مع تحيات منتدى متوسطة بوربيعة الحملاوي التعليمية